عرف المصريون القدماء نبات الخس حيث وجدت له نقوش كثيرة على جدران المعابد الفرعونية ومنها نقش لصورة اله الخصب والتناسل المشهور في معابد مدينة الأقصر وقد تكدست تحت قدميه أكوام من هذا النبات، وقد ورد ذكر الخس في بردية "ايبرز" الطبية في ثلاث عشرة وصفة علاجية لعلاج النزلات الحادة والتخمة وقتل الديدان، كما صنع المصريون القدامى منه مسكنا موضعيا لالتهاب الإصبع، وجاء الخس في بردية "هيرست" كوصفة موضعية لتسكين آلام الحروق وكمنبه للقدرة الجنسية والارتفاع بمستوى الخصوبة، وقد اتضح علميا فيما بعد أن الخس يحتوي فعلا على كميات من فيتامين "هـ" الخاص بعملية الإخصاب.
وقد عرف الفرس الخس قبل ميلاد المسيح بثلاثمائة عام وزرع الإغريق منه ثلاثة أصناف وكان الرومان يكثرون من أكله في ولائمهم الضخمة ليساعدهم على الهضم، وقد قيل أن الإمبراطور الروماني "أوغست" شفي من مرض الكبد بعصير الخس ويروى أيضاً أن الطبيب "ديكوريدس" في القرن الأول قبل الميلاد كان يداوم على أكل الخس لتهدئة الأعصاب والعضلات.
وقال عنه الرازي "الخس يقطع العطش ويصلح الكبد ويمنع القيء"، وقال عنه الفيلسوف والطبيب ابن سينا: "الخس سريع الهضم إذا استعمل في وسط الشرب يمنع أعراض السكر.. وينفع من الأورام الحارة ، وينفع من الهذيان وهو نافع من العطش وحرارة المعدة والتهاباتها وتناوله بالخل فاتح للشهية وينفع أكله من اليرقان ويدر البول والطمث.." وقال عنه ابن البيطار "ينفع من الأورام، ينوم ويزيل السهر مسلوقا ونيئاً، نافع من العطش وحرارة المعدة".
وقد أكدت نتائج أبحاث الطب الحديث صحة الاعتقادات التي ذهب إليها القدماء فيما يتعلق بالفوائد الكثيرة لهذا النبات فقد أكدت دراسات إيطالية، أن الغذاء الغني بمادة الفوليت أو حمض الفوليك والقليل من الكحول والدهون، يقلل خطر الإصابة بسرطان الأمعاء، ويعتبر الخس من أهم المصادر الغنية بحمض الفوليك المفيد للحوامل كما أثبتت هذه الدراسات فعاليته في الوقاية من مرض الزهايمر، فضلا عن احتوائه على الألياف الغذائية المفيدة للأمعاء.
وأشار خبراء التغذية إلى أن أوراق الخس الخضراء الداكنة اللون غنية بمادة "بيتاكاروتين" المقاومة للتأكسد، وأن تناول كمية كبيرة منها قبل النوم تعمل كمسكن للألم، ونصح الخبراء بعدم تقطيعه إلا قبل تناوله مباشرة لكي يحتفظ بعناصره الغذائية.
مخزن للفيتامينات
ويحتوي الخس على فيتامين "أ"، فيتامين "ب1"، فيتامين "سي"، فيتامين "إي" ويعتبر من الخضروات الغنية بالماء والعناصر المعدنية وأهمها الكالسيوم والفوسفور والحديد ولهذا يعتبر مفيداً للصغار والكبار، فهو يقيهم من الإصابة بهشاشة العظام ويحافظ على الأسنان وله العديد من الفوائد الأخرى أهمها: الوقاية من الإمساك لأنه غني بالألياف الغذائية والماء، ترطيب الجسم والوقاية من تشكل الحصى البولية، تهدئة الأعصاب والمساعدة على النوم، ومنح البشرة المزيد من النقاء.
وفي دراسة سابقة أجراها علماء صينيون تبين أن تناول جرعات عالية من حمض الفوليك الموجود في الخس قد يساعد على تقليل خطر الإصابة بسرطان المعدة.
وقال الباحثون في "معهد شنغهاي الصيني للأمراض الهضمية"، أن نقص حمض الفوليك في الجسم، يزيد خطر ظهور السرطان وقام هؤلاء الباحثون بحقن 16 كلب صيد من نوع بيجل بمادة كيميائية محفزة للسرطان لمدة ثمانية أشهر مع إعطاء ثمانية حيوانات منها جرعة عالية من حمض الفوليك، لمدة 15 شهرا وفحص بطانة المعدة عند الحيوانات من خلال المنظار المعدي لوجود أي إشارات لظهور السرطان وفي نهاية الدراسة لاحظ العلماء أن جميع الحيوانات التي تلقت المادة المسرطنة فقط أصيبت بسرطان المعدة، في حين أصيبت ثلاثة كلاب فقط في المجموعة التي عولجت بحمض الفوليك.
وسجل الباحثون في الدراسة التي نشرتها مجلة "الهضم" المختصة، أن حمض الفوليك ضروري لمنع حدوث الطفرات المسببة للسرطان لاسيما وأنه يدخل في عمليات تصنيع وإصلاح المادة الوراثية "دي إن إيه" مؤكدين ضرورة استهلاك كميات كبيرة من الفواكه والخضراوات الطازجة وعلى رأسها الخس للوقاية من سرطان المعدة والأمعاء.
ويوصى باستعمال الخس أيضاً لعلاج الخفقان ونوبات السعال وتنظيم مجموع الوظائف الهضمية، وهو مفيد للجهاز التناسلي وهو ما يؤيد نظرية المصريين القدماء في فائدة الخس لتعزيز القوة الجنسية حيث استخدم في علاج العقم عند النساء.
وللخس فوائد في زيادة قوة الإبصار والأعصاب لاحتوائه على فيتامين (أ) وقد أكثر الأطباء من التوصية باستعماله لعلاج الأطفال باعتباره مسكناً للتهيج العصبي وطارداً للكوابيس، ومساعداً في علاج السعال الديكي، كما يساعد الخس على امتصاص الروائح الكريهة نظراً لاحتوائه على مادة الكلورفيل التي تمتص الروائح الكريهة من الجسم ولذلك يستخدم مباشرة بعد أكل الثوم والبصل للتخلص من رائحتيهما الكريهتين.
كما يمكن استعمال أوراق الخس المطبوخة مع زيت الزيتون في عمل "لبخات" على الدمامل والبثور ويستخدم مغلي الورق مع ماء الورد لعلاج العيون المتعبة وتورم الجفون ويجب الحذر من أكل الخس دون أن يعقم أو يغسل جيدا نظراً لأنه يكون ملامسا للتربة وقد تكون التربة ملوثة بمياه الصرف الصحي فيتسبب في نقل عدوى بالدوسنتاريا والتيفوئيد والدودة الشريطية وخلاف ذلك.</I>