كان لا بد أن ألقي نظرة وداع أخيرة عليها ..
كيف لا وقد كانت يوماً أيقونتي التي أعشق .. كيف لا وقد وهبتها كل أحلامي التي عشت ..
كان لا بد أن ألقي نظرة عابرة عليها .
لماذا ؟؟؟
لأني سمعت من أحد الأصدقاء بأنها راحلة ...
راحلة .... إلى أين ومتى ؟؟
وماذا عني ؟؟
لملمت ذكرياتي الكثيرة التي بعثرتها في غرفتي وتوجهت إلى الشارع الذي تقطن به ..
هو ليس ببعيد فالمسافة بين غرفتي وبيتها ثلاثمائة وعشرون متراً بالتحديد . فلطالما عددتها ..
أسرعت الخطى ..
ازداد خفقان قلبي كلما اقتربت من حيها ...
ذلك الحي الذي عشقته لأجلها ....
ذاك الحي الذي زرعت في كل ركن فيه ذكرى لنا ..
كل شيء هناك يعرفني .. تلك الشجرة وضعت عليها اسمينا ضمن رسم يمثل قلب .. وذاك السور كنت أنتظر بجانبه منتظراً ذهابها للجامعة ...
كل شيء هناك يعرفني.
نظرت لشرفتها التي لطالما وقفت خلف زجاجها لتبعث لي بتلك البسمة الساحرة التي كانت أكبر الهدايا التي أتلقاها في حياتي..
لماذا لا تنتظرني الآن ..
ألا تعلم بأني قادم ..
أين هي ؟؟
انتظرت وكلي أمل بأنها لا بد بأنها ستقف خلف ذاك الزجاج كما عودتني ..
انتظرت ولكن لا جدوى .. لا شيء يتحرك في بيتها ؟
ماذا أفعل ؟؟
استجمعت كل شجاعتي وقررت أن أصعد درج البناء وأطرق بابها وسأسأل عنها وليكن ما يكون ..
ولكن ماذا سأقول لمن سيفتح الباب ؟؟
لا مشكلة سأسأل عن اسم لعائلة ما أو سأخترع قصة ما ؟؟
صعدت الدرج حتى وصلت على باب بيتها ..
تسارعت دقات قلبي حتى شعرت به يخفق في حلقي ..
تأملت باب بيتها بحنان ..
فمن هنا كانت تدخل وعلى هذا الجرس كانت تقرع بيدها الصغيرة عند عودتها من الجامعة
تلمسته بلطف حتى شعرت بذلك الدفء الذي كنت أراه في عينيها ..
تلمسته حتى شعرت بالحب الذي كنت أقرأه في شفتيها ..
تأملت الباب فإذا بورقة صغيرة قد دست على عجل بجانب الباب ..
فتحتها كانت تحمل ثلاث كلمات فقط ..
صدقني لن أنساك ....